#قصتي_مع_العمل_الحر
إلى متى ستبقى عبدًا في القرن الحادي والعشرين؟! نعم، أنت عبد على الطريقة الحديثة، الطريقة المعولمة، بدلًا من أن يكبلوك بالأغلال والأصفاد الحديدية الثقيلة، هناك قيد حول عنقك يدعى “9-5” لا يمكنك الهروب منه، إلى متى؟.
كانت هذه العبارات تدور في ذهني دائمًا، مع أني لا أملك عمرًا طويلًا من العبودية الحديثة، إلا أني تحررت منها الآن. لا أريد أن أغيّر الأسلوب العالمي من العمل بمقالة واحدة، ولست هنا لأوهمك بملايين الدولارات أو على أقل تقدير مئات الآلاف منها ستغدق عليك من شاشة لابتوبك.
سأحكي لك #قصتي_مع_العمل_الحر والذي هو مزيج من عمل تقليدي لكن عن بعد بدون سلاسل معدنية وعمل حر تمامًا وعمل خاص على الإنترنت أو كما يطلق عليه الربح من الإنترنت.
كيف بدأت؟
لنعد إلى عمر عشر سنوات وتحديدًا في درس اللغة العربية، أقف على المنصة الحجرية مواجهًا زملائي وتطلب مني الآنسة أن أقرأ موضوع التعبير الذي كتبته بيدي بدون مساعدة والدي. من هنا بدأت بذرة موهبة الكتابة لدي، واليوم أصبحت عملًا يدّر عليّ دخلًا لا يقل عن أي وظيفة مرموقة كموظف في مصرف خاص. وأصدقك القول أن كل هذا لم يكن يخطر ببالي يومًا.
العمل الحر بالنسبة لي كان مرحلة متقدمة، بداية كل شيء كانت مع خمسات، وتحدثت في عدة مناسبات عن كيف بدأت رحلتي معه وكيف حققت أول ألف دولار، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود حتمًا لكنه بالتأكيد كان مفاجئًا، عندما أطلقت هذه المدونة لم يكن هدف الربح في بالي، لكن ما حصل لاحقًا أن الجميع أراد أن يعلن فيها وهكذا فتحت لي مصدر دخل شبه ثابت شهريًا.
وبين الحين والآخر كنت أكتب بعض التدوينات المعمقة المتخصصة في مجال التقنية وكنت أنشرها كمدون متطوع في موقع عالم التقنية الذي أصبحت اليوم رئيس التحرير فيه بعمل دائم. لطالما كنت متابعًا كقارئ للموقع ولم يخطر ببالي يومًا أن أعمل به.
وبين بيع المساحات الإعلانية والخدمات المصغرة كالترجمة ومراجعة التطبيقات، والكتابة والتدوين يتراوح عملي الحر اليوم.
جبل العوائق
“كيف أسحب أرباحي إلى تحت وسادتي” هذا هو أول سؤال يطرح علي عندما أحاضر بالمهتمين بالعمل على الإنترنت عمومًا، ومع السائل كل الحق، فعندما تعيش في بلد مثل سوريا تمنع عنه الشركات الأمريكية أي تعامل وبطاقات ائتمان كالفيزا والماستر كارد يصبح تحويل الأموال من المواقع إلى الجيب حلم.
ردي المباشر يكون أن لا تدع هذا العائق يمنعك من التجربة، وهذا ما حصل معي فعلًا. لو نظرت للعائق الكبير لما بدأت ولما حققت ما وصلت إليه اليوم. قلت لنفسي عليك أن تبدأ وعندما تتحقق الأرباح تبحث عن طريقة ما لسحبها وهو ما تحقق بالفعل.
بفضل عدة وسطاء وعلاقات عامة تمكنت من سحب كامل أرباحي بمختلف مواقع حسوب “خمسات – مستقل – اسناد ” دائمًا ولم أتعرض حتى اليوم لأية عمليات نصب. تصلني الأرباح من السيرفرات إلى حلب وكل ما تحتاجه هو وسيط موثوق يملك حساب باي بال لتسحب الأرباح إلى حسابه ثم يقوم بتحويلها إلى بلدك عن طريق شركات تحويل الأموال. وهكذا انهار الجبل العائق ورأيت الفضاء الفسيح أمامي جليًا.
هناك معوقات لا يمكن تفاديها بسهولة مثل انقطاع الإنترنت لفترات طويلة وحصل هذا معي عدة مرات كوننا نعيش حالة حرب. كنت أدخل بعد انقطاع دام اسابيع و ربما أشهر و أجد عشرات الطلبات المنتظرة في خمسات وطلبات أخرى الغاها مشتريها لعدم تمكني من الرد عليها. أحيانا يبدي المشترون مرونة ويتفهمون ظروفي وأحيانا لا يفعلون و أعذرهم في هذا.
في المرة الأخيرة التي انقطع الانترنت لدي تصرفت إدارة خمسات بطريقة جنبتني المزيد من الاحراج حيث قامت بإيقاف خدماتي مؤقتا حتى لا تصلني المزيد من الطلبات التي لن أتمكن من تلبيتها لعدم توفر اتصال بالإنترنت لدي. على كل حال لا أعتقد أن مثل هذا العائق سيواجهك إلا لو كنت في حلب.
لا أريد منك أن تقدم استقالتك غدًا من وظيفتك التي تؤمن لك الدخل الذي يعيلك واسرتك، ولا أعدك بأنك ستدفن الفقر منذ الشهر الأول وربما العام الأول. لكن لو كان لديك اهتمام بأسلوب العمل الحر كنمط حياتك الجديد فأعط الأمر حقه وابدأ بالتجربة بشكل ثانوي وجانب عملك حتى تترسخ وتكون خبرة جيدة بعدها قد تندم على تلك الأيام التي كنت تعتقد أن راتبك الهزيل هو أكبر رقم دخل جيبك.
العمل الحر عبر الإنترنت له معوقات كثيرة كما للعمل الحقيقي، لكن عمومًا مزاياه تغفر له، ولكل شخص تظهر معوقات مختلفة عن غيره. قد تكون معوقات اجتماعية لاسيما من أهلك كعدم تفهمهم أو تقديرهم للعمل لكنهم سيتغيرون عندما تظهر لهم أول دخل، أو تكون قانونية مثل عدم القدرة على سحب الأرباح أو التحويل لكنه سيختفي عندما تجد الوسيط المناسب، أو قد لا تجد موهبة يمكنك تطويعها في العمل لكن لم يفت المجال بعد لتعلم شيء جديد. صدقني لو أمعنت النظر طويلًا في المشاكل فإنها لن تحلّ لوحدها، عليك النظر على الجهة المقابلة، النظر في الحلول واختيار المناسب منها.
قد تجدني مجنونًا لو أخبرتك أني رفضت وظيفة العمل في مصرف بالقطاع الخاص وهي أقصى حلم خريج قسم العلوم المالية والمصرفية بكلية الاقتصاد فضلًا عن شهادة الماجستير في إدارة الأعمال.
دعني أختم ببعض الأرقام لتعطيك صورة عم أتحدث عنه حيث حركة العمل الحر أصبحت تلقى زخمًا أكبر في العالم الغربي، أكثر من ثلث الأمريكين اليوم يعمل بشكل حر ويتوقع أن ينمو هذا العدد إلى 40% عام 2020، يساهم المستقلين بنحو 715 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، ويرغب 80% من الأمريكين أن يعملوا بشكل مستقل بجانب عملهم الحالي، ويرى غالبية الأمريكيين أن العمل الحر يؤمن مسار وظيفي محترم اليوم أكثر من السابق.
ولانزال كعرب في بداية الطريق لكن المؤشرات إيجابية حول أن هذا النمط الجديد من العمل بدأ يحل الكثير من المشاكل التي نعاني منها كالبطالة والعمل بغير اختصاصنا وضعف الرواتب.
أنا أشجعك على عملك . أنا أيضا بدأت في العمل الحر أيضا لأنني لا أحب أن أبقى عبد أحد
تجربة رائعة تستحقّ الإشادة.
لم أستطِع ترك التّدوينة قبل التّعليق 🙂
بالتّوفيق يا محمّد.
[…] محمد حبش: إلى متى ستبقى عبد في القرن الحادي والعشرين ؟! […]
[…] محمد حبش: إلى متى ستبقى عبدا في القرن الحادي والعشرين؟! […]
[…] محمد حبش: إلى متى ستبقى عبدا في القرن الحادي والعشرين؟! […]