كرسي حديقتنا .. الشاهد عليهم
أمام بيتي حديقة .. كنت قد قضيت معظم طفولتي فيها .. حشائش يابسة وبعض ركام الحديد … أشجار عالية وكراسي متناثرة بينها يجلس إليها الناس ليشاطروها مغامراتهم..
مضى العمر بي ولم يعد لي مكان فيها .. اجلس على شرفة المنزل وأراقب الأطفال يلعبون بها .. في مواجهة الشرفة كرسي له خصوصية مميزة .. فالمكان متطرف قليلاً ولا يوجد حوله أي كرسي آخر .. مع الأيام تحول هذا الكرسي لقاعة اجتماعات خاصة لا يجلس عليه إلا العشاق .. ثنائيات يطوفون إليه .. هذا هو الحال كل يوم خاصة مع أيام الربيع والصيف
بالعادة ادرس على الشرفة و كلما رفعت عيناي من السطور لتقع فوق رؤوسهم .. لا اقصد التطفل أو البحلقة .. لكن هذا الكرسي تعلمت منه الكثير .. فالأزواج التي تجلس فوقه وتتناساه تعلمك الكثير من المسافة بينهما
هناك من يجلس كل منهما على طرف .. تمضي ساعتان والمسافة نفسها .. يتقاسمان عصيراً .. والأحاديث العادية تدور بينهما .. يبدو أن العلاقة في بداية طريقها و قد يكون هذا اللقاء الثاني أو الرابع.. تنظر إلى ساعتها وتهرب للبيت
الزوج الآخر اقرب إلى بعضهما من السابقين .. يتحدثان ويضحكان .. تمر لحظات صمت .. يروي لها حكاياته وتاريخه المجيد .. تفخر بنفسها وتقول انه الشاب المطلوب.. يسرقهما الزمن ويتأخر الوقت … حان موعد الذهاب .. اتصل بك لاحقاً
يدخلا الحديقة ممسكبن بيديهما ويختاران ذات الكرسي.. كأن شيء خفي يربط طريقة تفكيرهم .. فالحديقة فيها عشرات
الكراسي والكثير منها يقع بأماكن تشبهه.. يجلسان متلاصقين .. يمد يده حول عنقها ويداعبها بخفة .. يمرر أصابعه بين خصل شعرها .. يحكي لها النكات .. يعلو صوت الضحكات .. تشابك أصابعها مع أصابعه .. يتخيل لها المستقبل الزاهر الذي سيرسمانه سوية .. تمر الساعات مسرعة .. يوصلها إلى اقرب شارع فرعي ويومئ لها من بعيد ..
تحت شمس هادئة يفترشان الكرسي بجسدين متلاصقين.. لا يجد النسيم زاوية ليمر بينهما.. وكأنهما تعاهدا منذ الآن على الوقوف بجانب بعضهما إلى الأبد ولا مكان بينهما حتى للهواء .. تخرج سيكارة وتطلب منه الولاعة .. ينفثا الدخان في الفضاء .. تتنهد وترسل نفخة تهز جبل.. تنام على صدره بهدوء .. تسمع خفقات قلبه المسرع .. قطار بوجهة بعيدة وقد تأخر.. تغمض عيناها .. تسبح في عالم بعيد .. ترى بيتها والأولاد من حولها .. رجلها عائد من العمل والتعب قد نال منه.. تفتح عيناها وتقترب من وجهه الأسمر .. تمد شفتها السفلى ولا يخيب ظنها بقبلة .. تبعد رأسها ويمرر يده من حول رقبتها .. يصمتان لبرهة .. لصان بارعان.. تشغل من هاتفها أغنية … ترقص على أنغامها .. تلمس جبهته كصفيح نحاس .. ينتفض من مكانه ليصحح جلسته .. تمرر أطراف أصابعها على شعره الخشن .. وينقش اسمه على كتفها بلمسته ..
من جميع المستويات .. وبمختلف درجات التقارب والتباعد.. علاقات تبنى فوق الكرسي .. تستمر وتطبع بصمتها في حياتهم .. والكرسي يسمع ويرى ما يحدث عليه .. لا يمكنه أن يخبرها بخيانته… ولا يمكنه أن يهمس له بما فعلت المرة الماضية مع غيره ..
وهكذا تتوالى الأيام والأزواج يجلسون على ذات الكرسي … تمر الأحاديث والذكريات .. ويبقى الكرسي شاهد عليهم
الله الله يا معلم شو هاد ما عم بعرفك موضوع حلو يسلمن
مية هلا محمود بيك 🙂
إن الأحداث تكرر نفسها مع الغالبية
والتاريخ يعيد نفسه بلا ملل
والاختلاف الوحيد يكمن في أبطال المسرحية
أعتقد بأن هذا الكرسي قد مل من هذه المسرحية المتكررة
وبدأ يطلق استغاثاته باتجاهك مما جعلك تدون عن معاناته …
بس سؤال : قلتلي كنت تدرس على الشرفة !! بحييك على تركيزك 😉
بالمناسبة ريم … اسمها حديقة الاندلس … اعتقدك تعرفينها 🙂
نعم حقاً وصلتني استغاثته … تتغير الشخصيات واحيانا الاماكن … اصبحت موضة مداخل الأبنية الان دارجة ..
نعم ادرس ع الشرفة وما بقدر اركز غير عليها … هاد عالفصل التاني لما بيكون الطقس معتدل اما الفصل الاول بيكون برد فمالي غير غرفتي وفنجان قهوتي او كأس الشاي … عادتي مابقعد فترات طويلة … متقطعة جداً … هيك عم تمضي الامور …
في أيام دراستي للبكالوريا كان يلفت انتباهي موضوع الكرسي الموجود في الحديقة التي يطل عليها بيتنا ..
العشاق وطلاب المدارس والموظفين والمراهقين من كل الأشكال والألوان ..
أذكر أن بعضهم من الساعة 7 صباحاً يدخلون إليها و استغربُ قدرتهم على الخروج في هذا الوقت في حين أنا أدرس عندي بكالوريا يعني ما عندون شي يعملو ؟؟
لا أحب مفهوم الكرسي هذا أبداً مهما اختبر من مواقف , لأن المعنى الحقيقي للحديقة قد تغير إذ أنك لو ذهبت لوحدك مثلاً للاستجمام أو مع أصدقائك ستُفهم بشكل خاطئ حتماً ..
للأسف انقلبت المفاهيم وبراءة زيارة الحديقة اصبحت تحيطها عشرات علامات التعجب وإشارات الاستفهام .. حديقتنا هذه غالبا كانت ذات طابع طفولي بريئ … حتى العائلات لاتزورها .. فقط الأطفال .. يلعبون حتى المساء .. هناك بعض الفترات يزورها هؤلاء العشاق .. يستغلون حرارة الطقس وظل الأشجار … غياب الاطفال ..
ليست فقط الحديقة … احيانا كثيرة ادخل شارعاً او ممراً في الجامعة ويكون على مايبدو مخصص للثنائيات فأشعر بالحرج لنفسي امشي وحيداً … كأني دخلت الشارع الخطأ مع انهم الخطأ
مرحبا بك دوماً
انا برأي فوت ادرس بغرفتك احسن ما تكتئب من وجود العشاق الى امامك وانت وحيد على شرفتك
هي شغلة الشغلة التانية ليش الكرسي بدو يخبر الشب بخيانة البنت ليش مو الكرشي بدو يخبر البنت بخيانة الشب شو ها التخيز هذا
عم امزح تدوينة جميلة جدا دائما بفكر هيك بس ما عرفت ولا مرة صيغها بالاسلوب الجميل يلي صغته
ان شاء الله بيلعبوا ولادك امامك على هذا الكرسي مع فتاة احلامك
تقبل مروري
معك حق بخصوص الأولى … الجلسة بالغرفة وبالشوب والغم والكهربا المقطوعة احسن بكتير من الاكتئاب اللي ممكن يصيبنا برى
اما بخصوص التانية … فإرجعي للنص ولتري ( لا يمكنه أن يخبرها بخيانته ) فالكرسي محايد تماماً وغير متحيز … وبالأصل لا يستطيع الكلام .. لحواء دوماً علينا حق ..
مرحبا بك دوما مرام … كوني بخير
شو هادا ياحمودة
بس على فكرة هو اذا ضلوا عالكرسي مو مشكلة بس لاتتطور الامور بشكل خطأ
كم هي جميلة تلك الذكريات عزيزي 🙂 ,
أحيانا تأبى أشياء إلا أن تذكرنا بذكريات الطفولة 🙂 .
كل التحية لك عزيزي , كن بخير .
أدهم
وسيم :: ما هية عم تتطور اجباري … خطأ صح ماحدى مهتم … والكرسي يشهد ..
ادهم :: نعم صدقت … تأبئ امور بسيطة إلا أن تعيدنا لقطار الطفولة … دوما لك مكان هنا
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل هذا يحدث كل يبوم و انت تستذكر ؟
يبدو هذا قمة الملل !!
الحمد لله ان امام شرفة منزلي صحراء …
اشد مللا خخخخخ !
تحياتي ,
كرسي حديقتنا .. الشاهد عليهم…
أمام بيتي حديقة .. كنت قد قضيت معظم طفولتي فيها .. حشائش يابسة وبعض ركام الحديد … أشجار عالية وكراسي متناثرة بينها يجلس إليها الناس ليشاط………
كرسي حديقتنا .. الشاهد عليهم…
أمام بيتي حديقة .. كنت قد قضيت معظم طفولتي فيها .. حشائش يابسة وبعض ركام الحديد … أشجار عالية وكراسي متناثرة بينها يجلس إليها الناس ليشاط………