عاملني كإنسان
كان هناك طفل ولد مكرهاً ، أو هكذا خطط له أن يكون ، علموه غصباً عنه ، لغة ، قيم ، معتقدات ، دين ، أخلاق ، وآلاف المعيقات والحدود التي كبلوه فيها ، ثم اخبروه انه حر ، مخير ، إنسان !
مضى هذا ” الإنسان ” في حياته ، وبدأ يرتطم شيئاً فشيئاً بتلك الحدود ، يكسر منها ما لايناسبه ، يترك ما جاء متوافقاً معه ، وهكذا وضع لنفسه مخطط ” الشخصية الفاضلة ”
هذا ” الإنسان ” شاء القدر له أن يكون ضمن قوميتين ، حيث صراع بين قومية الأهل و قومية المجتمع ، ظل الصراع محتدماً بداخله ، تعلم اللغتين ، صهر القوميتين بداخله ، فرز جميع قيمهما ، اختار من كل منهما ما يناسبه ، ومضى بـ ” الشخصية الفاضلة ”
وبهذا الفرز اقتضى التخلي عن بعض القيم و لامه عليها كثيرون ، و اوجد في نفسه مزيج عجيب استغرب منه كل من عرفه .
الغريب في الأمر أن من بمثل وضع عدد لابأس به ، لكن قلة قليلة من اختارت أن تفرز القوميتين واللغتين بما يناسبها ، وبقوا تحت سيطرة قومية ودين ولغة وقيم وأخلاق ومعتقدات واحدة ، ظناً منهم بأنها الأنسب لهم فعلاً .
لن أطيل كثيراً فيها فتلك قصتي ، نعم أخذت وتشربت قوميتين ولغتين مختلفتين ثم فرزت كل ما يتعلق يهما من قيم وأخلاق ولغة و و و و الخ واخترت منها ما يناسبني وتخليت عن ما لم يناسبني ، وبهذا يستغرب ولا يلحظ احد هذا الفرز الذي قمت به ، لذا يلصق بي إحدى القوميتين أو اللغتين أو قيمهما بشكل افتراضي
بصراحة يؤلمني كثيراً من يعامل الآخر رابطاً إياه بأطر معينة كالدين أو اللغة أو القومية والى خلاف ذلك ، ما المشكلة بأن تعاملني أنا كإنسان ، ما المشكلة بأن نتحاور إنسان إلى إنسان ، لم تعتقد أن لوني الأسمر الداكن يعني أني قذر ؟ ، ولم تعتقد أن لوني الأبيض يعني أني لا أتحمل ضغط الحياة ، أسئلة كثيرة تطرق رأسي كل يوم ، ويا لأسفي على من يتبجح بأنه عندما يناقش يتجرد من كل تلك الأطر والقيم والخلفيات المسبقة ، ولدى أول اختبار له يبدأ بوضع تلك الخلفيات لتمر كل الأفكار عبر سلسلة مرشحات يجب أن توافق عليها قبل الدخول إلى عقله
ما أجمل كلامك يا أخي ..
وما أروع فكرتك
وما أرقى فكرك
ولو كل الناس تحذو حذوك
لعاد إلينا أرسطو وابن خلدون
كل منه بمدينته الفاضلة
وصدق من قال يوماً
الدين هو المعاملة
شكرا لحروفك
ماهر
نعم الإنسان مسيّر بدليل أنك اخترت ما يناسبك و تركت ما لا يناسبك
أما لماذا هذه التفرقة ؟ إنها شيء بديهي في بلدان العالم الثالث و البلدان المتخلفة .. فهي لاتنظر إلى جوهر المرء و علمه و خلقه ومنجزاته بل تنظر إلى قوميته أو لونه أو من أي طبقة هو …..
برغم كرهي للإدارة الأميريكية فإني منذ صعد أوبا إلى الحكم بت أقدّر فيهم أنهم صهروا التمييز العنصري عندما انتخبو رجلا أسود لو جاء قبل بضعة سنين لم يكن إلا عبداً منبوذاً …
أما نحن فبدل أن نتقدّم أضحينا نتراجع .. فها هو بلال الحبشي عبد أسود من أكثر من 1400 سنة و لكن لم يكن يُنظر إلى لونه و كان ذو مكانة خاصة في قلب رسول الله … و ها هو صلاح الدين الأيوبي الذي ينتمي لنفس قوميتك فتح القدس و لم يفكر أحد في ذلك الوقت بقوميته عندما نصبه قائداً للجيش ..
فالمرض عند الشعب مع الأسف وليس الحكومة لأنها تساوي في المعاملة … أما الشعب فهيهات هيهات
لا تتعب و لا تهتم إذا جاءك النقد من نفوس مريضة أو رمقوك بنظرات غريبة
و لاتنس بيت الشعر
وإذا أتتك مذمتي من ناقص …. فهي الشهادة لي بأني كامل
دمت بخير 🙂
الصراحة بعيدا ً عن الشكل الخارجي و اللون و الشكل و غيرها .. بكتير من الأحيان بنتمنى و بنحتاج نتخلّى عن بعض العادات و الأفكار اللي بيعملنا ياها المجتمع لمجرّد انها لا تتفق و ” منطقيتنا ” .. و بعتقد مشكلة بعض الأجيال أنها ما بتتفق مع هي الفكرة و بتخاف تتخلّى عن جزء من هالأشياء لذلك ما بتطوّر و بتتناقل عادات ” لا منطقية ” ..
مابعرف اذا ردي بيجي تماما ً بسياق تدوينتك لكن في جملة بالنص خلتني فكـّر بهالمجال ..
تحياتي
شكرا على المدونة
أنا مؤمنة جداً بعدم إطلاق التعميمات على فئة معينة من البشر لأنها ستكون تعميمات ظالمة بالتأكيد .. ولا يمكنني أن أطبق صفة مميزة لفرد أو عدة أفراد مهما زاد عددهم على مجموعة من البشر تماثلهم في الانتماء .. و لكن.. أحيانا أنجر لسؤال البعض عن انتماءاتهم .. ولا أهدف بسؤالي إلى معاملة مختلفة .. إلا أنه يكون سؤال عابر ككل الأسئلة التي يتناولها اثنان في بداية تعارفهما ..
ربما نحتاج إلى الكثير من تقبل الآخرين .. و عدم الافراط في الحساسية التي يبديها اصحاب الانتماءات المختلفة .. و بيمشي الحال
شكرا على المدونة
موضوع رائع
عاملني كإنسان…
كان هناك طفل ولد مكرهاً ، أو هكذا خطط له أن يكون ، علموه غصباً عنه ، لغة ، قيم ، معتقدات ، دين ، أخلاق ، وآلاف المعيقات والحدود التي كبلوه ف……
عاملني كإنسان…
كان هناك طفل ولد مكرهاً ، أو هكذا خطط له أن يكون ، علموه غصباً عنه ، لغة ، قيم ، معتقدات ، دين ، أخلاق ، وآلاف المعيقات والحدود التي كبلوه ف……
موضوع جميل خالص زى المدونة