لماذا ينجح المدراء الهنود في قيادة الشركات التقنية الأمريكية؟
ناديلا، بيتشاي، سوري، أرورا، ميهروترا، جها، ونارايين ليست مجرد أسماء عائلات عابرة بل هي أسماء لأشخاص يديرون شركات مثل مايكروسوفت وغوعل ونوكيا وسوفت بانك وساند ديسك و غلوبال فاوندريز وأدوبي.
وصول هؤلاء إلى هذه المناصب قد لا يكون محض صدفة، حيث وجدت دراسة عالمية أجرتها جامعة نيو هامبشاير الجنوبية (New Hampshire University) على المدراء الهنود والأمريكان، أن المدراء الهنود يحققون درجات أعلى فيما بتعلق بالصفات والمهارات القياديّة.
تشير الدراسة إلى أنّ المدراء الهنود هم قادة المستقبل، فهم يتمتعون بمزيج من التواضع الشخصيّ والإرادة المهنيّة الكبيرة ، حيث حقق هؤلاء القادة نتائج مذهلة وقاموا ببناء مؤسسات عظيمة بدون الكثير من الاستعراض.
وبشكل عام ، هنالك أربع أسباب رئيسية تؤدي إلى تفوق المدراء الهنود على غيرهم عالميا :
أولا : التعليم التنافسي
بفضل دعم التعليم في الهند، فإن التعليم العالي متاح بسهولة لأبناء الطبقة الوسطى مما يجعل أمر الالتحاق بالجامعات بعد ذلك صعباً وتنافسياً جداً فكل مقعد جامعي يتنافس عليه الآلاف من الطلاب سنويا مما ينعكس بشكل كبير على مستوى الطلبة المقبولين في الجامعات لاحقاً.
وبسبب التنافسية العالية ، يتخطى مستوى الطموح لدى الخريجين من المعاهد والكليات الهندية كل الإمكانيات المادية والتعليمية المحدودة ويخلق لديهم دافعا دائما للعمل والاستمرار بالتطور.
ثانيا : الحياة القاسية
الحياة في الهند بالنسبة لطالب صعبة جداً مقارنة مع أي مكان آخر في العالم، فالتنقل عبر المدن العشوائية وعدم توفر الخصوصية الكافية في المنزل وضعف المرافق الرياضية والمكتبات والامتحانات الصعبة تشكل عبئاً كبيراً على أي طالب هندي ويجعل حياته التعليمية مرهقة جداً ولكنه في المقابل يكسب الطالب الهندي قدرة على القتال وتحدي الصعوبات والاستمرار وعدم الاستسلام .
ثالثا : الإبداع والاجتهاد
الظروف القاسية والأوضاع العصبة التي يتخطاها الطلبة الهنود تكسبهم قدرة على العمل بإجتهاد والمهارة التي تساعدهم على حل المشكلات وتنفيذ المهام بطرق إبداعية وسريعة.
رابعا : اللغة الإنجليزية
فاللغة الإنجليزية لغة رسمية في الهند ويتحدث بها معظم السكان وينعكس ذلك على قدرة المدراء الهنود على التفكير بالمشاكل باللغة الإنجليزية كلغة أم مما يساعدهم بشكل أكبر على التعبير عن أفكارهم بطلاقة وتحليل المشاكل وفهمها بشكل أكثر عمقاً من غيرهم .
هذه العوامل الأربعة أدت إلى إنتاج آلاف من الطلبة التنافسيين والمبدعين القادرين على العمل بجهد وتفاني وعلى الصبر والتفوق ضمن الشركات الكبرى ومن ثم الوصول إلى المناصب العليا فيها بعد ذلك.
في كثير من هذه الحالات لا يكون المدراء الهنود من مؤسسي هذه الشركات التي يديرونها، بل هم مدراء طموحون تولوا مناصب عديدة في شركاتهم وتنقلوا كثيرا بين صفوف وطبقات الشركة.
وفي حدث انشغل العالم كله بالحديث عنه، أعلنت غوغل الاثنين الماضي خطّة إعادة هيكلة تسلّم على إثرها سوندار بيتشاي 43 عاما منصب المدير التنفيذي للشركة، مما يلفت النظر إلى أن عدداً من المدراء التنفيذين لأهم شركات التقنية في العالم ينحدرون من أصول هندية .
ولد بيتشاي في مدينة شيناي في جنوب الهند، ودرس في نفس جامعة التقنية الهندية التي درس بها آرون سارين المدير التنفيذي السابق لمجموعة فودافون ولقد أشرف منذ انضمامه إلى غوغل عام 2004 كنائب للرئيس عن إدارة المنتجات على منتجات البحث والإستهلاك مثل iGoogle وشريط الأدوات ، وأدوات البحث على سطح المكتب وحزمة غوغل وغيرها.
وفي عام 2011 أصبح بيتشاي نائب الرئيس عن غوغل كروم وعن التطبيقات والتي تتضمن متصفح كروم ونظام التشغيل والجي مايل والتقويم والمستندات ووصل بحصة غوغل كروم في السوق العالمي إلى 45% بعد أن كانت لا تتجاوز 1% في 2009.
يعرف بيتشاي في غوغل بهدوئه وشخصيته التي تميل إلى العمل بصمت، فهو شخصية لا تفضل الشهرة و الأضواء والمنافسات الصاخبة كما أصبح بيتشاي وجهاً شهيراً في غوغل حيث أصبح المتحدث الرسمي للشركة في مؤتمر المطورين السنوي التي تعقده غوغل في السنتين الماضيتين.
في مايكروسوفت أيضاً، و منذ تولي ساتيا ناديلا منصب المدير التنفيذي للشركة، حققت الشركة ما كان يبدو مستحيلاً في يوم من الأيام، ألا وهو عودة الأضواء إلى مايكروسوفت مجدداً في وادي السيليكون. حيث قام بذلك عن طريق سياسات التعاون التي اتبعها وعدم اعتبار منتجات المنافس أعداء له كما كان يفعل سلفه ستيف بالمر في كثير من الأحيان.
كما قام ساتيا ناديلا بالخدمة في منصب النائب التنفيذي لأحد مشروعات مايكروسوفت قبل أن يتم تعيينه مديراً تنفيذياً للشركة خلفاً لستيف بالمر في 2014.
سانجاي ميهروترا 57 عاماً، ساعد في إنشاء شركة سان ديسك Sandisk لذواكر التخزين الفلاشيّة عام 1988 حيث تقلد منصب نائب الرئيس التنفيذي ومدير العمليات ثم نائب الرئيس لقطاع الهندسة ثم نائب الرئيس لتطوير المنتجات ومدير تصميم وهندسة المنتج وأخيراً تم اختياره كمدير تنفيذي للشركة منذ 2011.
راجيف سوري مهندس الإتصالات والإلكترونيات، عمل لمدة عقدين في نوكيا قبل أن يتم تعيينه كمدير تنفيذي لها، وقد قام بقيادة نوكيا حتى عام 2009 حيث ينسب إليه الفضل في التحول الكبير الناجح الذي طرأ على فرع نوكيا للحلول والشبكات.
شانتانو ناراين 53 عاما، شغل منصب المدير التنفيذي لأدوبي منذ عام 2007 حيث كان يوصف من قبل زملائه بأنه شديد الهدوء وشديد التنافسية وقد قام بنقلة هائلة على طريق نجاح الشركة.
سانجايا جها 52 عاما، يشغل منصب المدير التنفيذي لغلوبال فاوندريز لصناعة الشرائح وقد سبق له إدارة موتورولا وخدم لعدة سنوات كمدير تنفيذي لكوالكوم.
وكمحصلة لما سبق يبدو بان المدراء الهنود قادمون عالميا وبقوة ليتسلموا زمام الشركات الكبرى ويقودوها إلى نجاحات كبيرة في المستقبل القريب.
Comments are closed.