الإدارة بطريقة جمبا كايزن اليابانية
جمبا: إدارة المكان
عندما ينقل لك التليفزيون الياباني تغطية إخبارية عن زلزال، فإن المذيع يقول: “ننقل لكم هذا التقرير من جمبا.” أي أنه يتحدث من موقع الحدث.
“جمبا” في اليابانية تعني الموقع الفعلي للأحداث ..المكان الذي تتولد فيه القيمة المقدمة للعميل .. مثل خط إنتاج شركة سيارات أو مطبخ مطعم ما، أو مكاتب التحرير في إحدى الصحف.
كايزن: إدارة الزمان
الأسلوب الياباني للتطوير المستمر، بإدخال تحسينات تدريجية صغيرة وبسيطة تقلل التكاليف والهدر وتزيد الإنتاجية والوفر.
“كايزن” لا يعني التطوير التكنولوجي واستخدام الأساليب المعقدة، بل على العكس، فان “كايزن” هو ألد أعداء التعقيد، فهو يهدف إلى تخفيف الإجراءات غير اللازمة وتسهيل حركة العمل بإزالة ما يعوق الأداء.
“جمبا كايزن”
تعني تطبيق أسلوب التطوير المستمر التدريجي على ما يتم داخل موقع الأحداث والعمليات وتوليد القيمة الحقيقية على أرض الواقع. ويمكننا أن نطلق عليه “الإدارة من موقع الأحداث”.
يتكون هذا الأسلوب الإداري الياباني من خمس خطوات، هي:
١- عندما تظهر مشكلة انزل إلى موقع الأحداث، أولا :
لا تحاول أن تدير الشركة من برجك العاجي. بل كن دائما في موقع الحدث. وراقب ما يحدث لحظة بلحظة. كان “تايتشي أوهنو” إذا ما أحس بأن أحد مديريه بشركة “تويوتا”، منفصل عن المصنع، يقوده إلى وسط العمال، ويرسم على الأرض دائرة طباشيرية لا يفارقها المدير إلا وقد عرف كل كبيرة وصغيرة تحدث من حوله.
٢- اهتم بعناصر موقع الأحداث:
عناصر موقع الأحداث هي: الأفراد و الآلات والمعدات الهامة. فإذا وجدت إحداها معطلا ، لا تغادر إلى قاعة الاجتماعات لتلقي محاضرة لرفع الروح المعنوية، بل اصلح الآلة أولاً
٣- اتخذ إجراءات وقائية فورية:
كانت الرقائق المعدنية المتحركة على السير العلوي كثيرا ما تسقط على السير السفلي فتؤدي إلى توقف الآلات بين الحين والأخر. وكان العامل يلتقطها في كل مرة، و ما هي إلا دقائق حتى تسقط غيرها، فيلتقطها، وهكذا. و هذه مجرد إجراءات وقائية فورية ولكنها ليست جذرية
٤- ابحث عن السبب الجذري:
بعد اتخاذ الإجراءات الفورية التي تمنع توقف العمل، اجمع المعلومات اللازمة لكشف مصدر العطل أو المشكلة. في هذا المجال استخدم “لماذا” أربع مرات:
لماذا؟ لأن الأرض زلقة.
لماذا؟ لأن عليها زيت.
لماذا؟ لأن الزيت يتسرب من الآلة.
لماذا؟ صمام الزيت قديم ومتآكل.
٥- ضع قاعدة لتجنب تكرار المشكلة:
التقنين هو واحد من أهم ثلاثة أنشطة أساسية لأسلوب “جمبا كايزن”.
استراتيجيات جمبا كايزن:
يجب أن يكون الهدف الرئيسي للأنشطة، التي تتم داخل جمبا (موقع الأحداث)، يجب أن يكون إنتاج سلعة أو تقديم خدمة عالية الجودة للعملاء، بأقل تكلفة ممكنة، وذلك من خلال العمل طبق ا لقواعد تشغيل بسيطة و فعالة.
لذا فان أولى استراتيجيات “جمبا كايزن” الثلاث، هي:
الاستراتيجية الأولى: وضع قواعد التشغيل
يطلق مصطلح “قواعد التشغيل” على مجموعة الإجراءات العملية التي يتم اتخاذها بهدف إنتاج أو تقديم منتج أو خدمة للعملاء. و تعني كلمة “قواعد” هنا أن هذه المجموعة من الإجراءات هي الطريقة المثلى لإنجاز ذلك الهدف.
و عندما يتم كل هذا ضمن أسلوب “كايزن” فإن ذلك يعني التطوير والتعديل المستمر لهذه القواعد لتصبح أكثر فعالية وبساطة مما هي عليه، بحيث نستمر في هذا التطوير حتى نتخلص من أي هدر في الوقت أو الجهد أو الموارد، ونحصل على أعلى جودة ممكنة.
الاستراتيجية الثانية: التطهير:
تعتبر بيئة العمل غير المنظمة والتي تعم فيها الفوضى أكبر معوقات الإنتاجية. نفس الشيء ينطبق على المصنع ذي التصميم السيئ والمكاتب المزدحمة و غير المرتبة، الأمر الذي يؤدي إلى فوضى في جدولة العمليات، أو شحن أحد خطوط سير العمل بزخم من المهام المتضاربة، فضلا عن انسيابية خطط وجداول الأداء. وجود الأشياء التافهة وغير الضرورية في بيئة العمل، يولد أنشطة غير ضرورية أثناء القيام بالعمل، كتلك العلاقة العكسية بين كمية الأوراق على مكتبك وحجم العمل الذي تنجزه. فكلما امتلأت بيئة العمل بصغائر الامور؛ زاد الهدر في الوقت والجهد والموارد وقلت الإنتاجية.
لهذا يعتبر ترتيب وتنسيق المهام ونظم العمل وتطهيرها من المعوقات و الملوثات و المتناقصن، أحد المتطلبات الرئيسية لأسلوب “جمبا كايزن”.
الاستراتيجية الثالثة: القضاء على الهدر:
كما أن هناك أشياء ومعدات ضرورية وأخرى غير ضرورية، هناك بالمثل أنشطة ضرورية وأخرى غير ضرورية. كل الأنشطة التي لا تضيف شيئا إلى القيمة الحقيقية للمنتج أو الخدمة المقدمة للعملاء، يمكننا اعتبارها زائدة وغير ضرورية.
ثمان وصايا لتطبيق “كايزن”
١- فكر في “كيف” تنفذ الاقتراح الجديد، وليس في “لماذا” تنفذه.
٢- لا تقبل مبررات انخفاض الإنتاجية. فهي ليست ثابتة ولا يجب أن تكون كذلك.
٣- لا تبحث عن الكمال في الاقتراح الجديد، فقط نفذه ولو بنسبة نجاح ٥٠ %، بعد ذلك طبق عليه “كايزن” بأسلوب تدريجي.
٤- صحح الأخطاء فور وقوعها.
٥- لا تخصص أية نفقات لتطبيق “كايزن”. إذ تكمن كفاءة “كايزن” في تقليل النفقات، فلا تجعلها تنقلب إلى نقيضها، كما يحدث لأغلب الممارسات الإدارية.
٦- تخلص من التفكير التقليدي، بشأن: “أننا يجب أن نفعل ذلك، بهذه الطريقة فقط”
٧- كن يقظا، لملاحظة فرص التطوير الممكنة – خاصة إذا كانت هناك مؤشرات، مثل شكاوى العملاء، أو نقاط اختناق في تنفيذ العمليات.
٨- اعمل دائما على مستويين:
أ- مستوى الأفراد ب- مستوى العمليات
وهذا هو سر تفوق أسلوب “جمبا كايزن” على أسلوب “الهندرة” الذي يعمل على مستوى العمليات فقط.
حالة عملية
كان توزيع المهام داخل شركة “توكاي شين-إي” للإليكترونيات يتسم بعدم المساواة. فضلا عن التلكؤ في التنفيذ. كان الموظفون يبدءون عملهم ببطء شديد ثم ينتظرون حتى تظهر نقاط الاختناق والمشكلات كي يتخذوا خطوات الإنتاج اللازمة، وكأنهم يطفئون الحرائق ويعملون بأسلوب إدارة الأزمات. تسبب هذا الوضع في وصول ضغوط العمل إلى أوجها قبل مواعيد التسليم. فكان الموظفون كسالى مع بداية كل شهر، متوترون و منهكون في نهايته.
قرر المدير تطبيق أسلوب “جمبا كايزن”، وقسم مهام العمل بين ثلاث فرق. اتفقت الفرق الثلاث على توزيع العمليات فيما بينها، وذلك طبق جدول زمني محدد، حيث يتسلم كل فريق مهمته من الفريق الذي يسبقه في خط تدفق العمليات. أعدت هذه الخطط والجداول الزمنية بواسطة ممثلين للفرق الثلاث، دون دراسة الآثار الجانبية لها، على أن يتم تطبيقها طبق قواعد تشغيل تنتهج أسلوب “جمبا كايزن”، بحيث تتم كل عمليات المراجعة والتطوير بشكل مستمر، أثناء العمل وداخل “جمبا”.
كانت النتيجة المبهرة هي ارتفاع الإنتاجية بنسبة ٣٠ % وانخفاض نسبة المرتجعات والعيوب إلى أقل من النصف. كما انخفضت نفقات الإنتاج نتيجة انخفاض ساعات العمل الإضافي للموظفين، وازدادت مهارات وكفاءة العاملين في تنفيذ المهام التي يتسلمونها في أوقات قياسية.
عرض رائع جداً
شكر الله
تحياتي